02092020
(دراسة أجراها آفي شلايم مؤرخ وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد البريطانية)
منذ وصوله إلى منصب الرئاسة، تسبب ترامب في سلسلة من الضربات للشعب الفلسطيني حيث اعتبر القدس كلها عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى هناك، وأنهى تمويل الولايات المتحدة للأونروا وسحب المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، كما أنه اعترف بالسيادة "الإسرائيلية" على مرتفعات الجولان السورية المحتلة وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ثم كشفه في جانفي 2020، عن "صفقة القرن" التي كانت ضمن خطة تعترف بالقدس كعاصمة غير مقسمة لإسرائيل ، وتمنح الاحتلال الحرية لضم الكتل الاستيطانية اليهودية غير الشرعية في الضفة الغربية ووادي الأردن
هذا ما جاء في دراسة أجراها آفي شلايم مؤرخ وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة أكسفورد البريطانية، ترجمت إلى اللغة العربية، وهو مؤلف لعدة كتب مهتمة بالشأن الفلسطيني مثل: الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي، وكتاب "إسرائيل وفلسطين ، حيث شرح خطة ترامب لضغط على الفلسطينيين ليعترفوا بإسرائيل كدولة و التوقف عن مساعي محاسبتها دوليًا على جرائم الحرب التي ارتكبتها، و تتضمن خطة ترامب تجريد الفلسطينيين من السلاح، كما أنه لن يكون لفلسطين حدود مع الدول العربية المجاورة، ولا سيطرة على المجال الجوي والمياه والموارد الحيوية الأخرى، ففلسطين حسب هذا المؤرخ وقّعت على شهادة ضياعها فعليًا أواخر الثلاثينيات، عندما لعبت بريطانيا دورًا مهمًا، لم يتم الاعتراف به، في المأساة الفلسطينية، فقد كان إعلان بلفور لعام 1917، أول خيانة حينها التزمت الحكومة البريطانية بدعم إنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، دون تقديم أي ضمانات لحماية الحقوق المدنية والدينية لغير اليهود ضمن المجتمعات في فلسطين، كان اليهود في ذلك الوقت، يشكلون الأقلية ، بحيث كان عددهم اقل من 10 بالمائة من سكان فلسطين، بينما كان العرب يمثلون 90 بالمائة، ومع ذلك اختارت بريطانيا الاعتراف بحق الأقلية الصغيرة في تقرير المصير، وحرمان الأغلبية من هذه الحقوق.
كان إعلان بلفور وثيقة استعمارية أوروبية كلاسيكية، جسّد مؤلفها، وزير الخارجية آنذاك آرثر جيمس بلفور العقلية الاستعمارية التي ترى أن: "الحقوق الوطنية لسكان البلاد ليست ذات أهمية بالغة"، من وجهة نظر المصالح البريطانية، كان إعلان بلفور حماقة كبيرة، وهو أحد أسوأ الأخطاء الاستراتيجية في تاريخ المملكة البريطانية، أمّا من المنظور الصهيوني، فهو يُمثل طفرة دراماتيكية على طريق قيام دولة الاحتلال، وقد مهّد الطريق للاستيلاء الصهيوني المنتظم على فلسطين، من وجهة نظر أمريكية لا يوجد سوى رابحين وخاسرين، وحسب تصريح ترامب إسرائيل هي الرابحة بينما الفلسطينيون هم الخاسرون الدائمون، فقد تبنى ترامب دور محامي "إسرائيل"، بانضمامه إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والمستوطنين اليمنيين المتطرفين الذين يهدفون إلى دمج جزء كبير من الضفة الغربية المحتلة ضمن "إسرائيل الكبرى".
في الواقع، هذه الخطة كما يقول صاحب الدراسة تقترح مجموعة من "البانتوستانات" الجرداء ("البانتوستانات هي عبارة عن معازل السود في جنوب أفريقيا أقيمت لفصلهم عن البيض في عهد الفصل العنصري) ، محاطة بجيش الاحتلال، وعدد متزايد من المستوطنين اليهود، إنها تبدو كسجن تم تشكله على هيئة دولة، وفي مقابل الموافقة على هذه الخطة غير العادلة بشكل مطلق، تم تقديم وعد للفلسطينيين بمبلغ 50 مليار دولار على مدى خمس سنوات، والحصول عليه لن يكون من الخزانة الأمريكية، إنما دول الخليج هي التي ستدفع الحساب، و قد تبنى نتنياهو خطة ترامب بحماسة، لأنها في الأساس خطته، وهي تلبي كل قائمة أمنياته، إضافة إلى ذلك فإن أنصار الخطة ومعارضيها يتفقون أنها ستكون "المسمار الأخير في نعش حل الدولتين وحلم قيام دولة فلسطينية مستقلة"، و بالنسبة لليمين الصهيوني، فإن خطة ترامب هي انتصار دبلوماسي مذهل، مشابه لإعلان بلفور، إلا أن جميع الفصائل الفلسطينية رفضت بشدة هذه الخطة، لأن ما يقترحه ترامب ليس خطة سلام، بل مخطط للفصل العنصري، كما أنها الفصل الأخير من قصة استمرت قرنًا من الازدواجية والخيانة من جانب القوى الغربية.
قراءة علجية عيش
كان إعلان بلفور وثيقة استعمارية أوروبية كلاسيكية، جسّد مؤلفها، وزير الخارجية آنذاك آرثر جيمس بلفور العقلية الاستعمارية التي ترى أن: "الحقوق الوطنية لسكان البلاد ليست ذات أهمية بالغة"، من وجهة نظر المصالح البريطانية، كان إعلان بلفور حماقة كبيرة، وهو أحد أسوأ الأخطاء الاستراتيجية في تاريخ المملكة البريطانية، أمّا من المنظور الصهيوني، فهو يُمثل طفرة دراماتيكية على طريق قيام دولة الاحتلال، وقد مهّد الطريق للاستيلاء الصهيوني المنتظم على فلسطين، من وجهة نظر أمريكية لا يوجد سوى رابحين وخاسرين، وحسب تصريح ترامب إسرائيل هي الرابحة بينما الفلسطينيون هم الخاسرون الدائمون، فقد تبنى ترامب دور محامي "إسرائيل"، بانضمامه إلى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والمستوطنين اليمنيين المتطرفين الذين يهدفون إلى دمج جزء كبير من الضفة الغربية المحتلة ضمن "إسرائيل الكبرى".
في الواقع، هذه الخطة كما يقول صاحب الدراسة تقترح مجموعة من "البانتوستانات" الجرداء ("البانتوستانات هي عبارة عن معازل السود في جنوب أفريقيا أقيمت لفصلهم عن البيض في عهد الفصل العنصري) ، محاطة بجيش الاحتلال، وعدد متزايد من المستوطنين اليهود، إنها تبدو كسجن تم تشكله على هيئة دولة، وفي مقابل الموافقة على هذه الخطة غير العادلة بشكل مطلق، تم تقديم وعد للفلسطينيين بمبلغ 50 مليار دولار على مدى خمس سنوات، والحصول عليه لن يكون من الخزانة الأمريكية، إنما دول الخليج هي التي ستدفع الحساب، و قد تبنى نتنياهو خطة ترامب بحماسة، لأنها في الأساس خطته، وهي تلبي كل قائمة أمنياته، إضافة إلى ذلك فإن أنصار الخطة ومعارضيها يتفقون أنها ستكون "المسمار الأخير في نعش حل الدولتين وحلم قيام دولة فلسطينية مستقلة"، و بالنسبة لليمين الصهيوني، فإن خطة ترامب هي انتصار دبلوماسي مذهل، مشابه لإعلان بلفور، إلا أن جميع الفصائل الفلسطينية رفضت بشدة هذه الخطة، لأن ما يقترحه ترامب ليس خطة سلام، بل مخطط للفصل العنصري، كما أنها الفصل الأخير من قصة استمرت قرنًا من الازدواجية والخيانة من جانب القوى الغربية.
قراءة علجية عيش
تعاليق
لا يوجد حالياً أي تعليق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى