مع الأديب المصري طه حسين.. مسيرة امتزجت بالفرحة و الألم
السبت 8 أغسطس 2020 - 10:26
هذه قصة الحُبّ التي ربطت الأديب طه حسين بسوزان المسيحية
هي أجمل قصة حُبّ نشأت بين طه حسين و سوزان بريسو الباريسية نشرت بموقع "إضاءات"، عندما التقت به بباريس و تطوعت هذه الأخيرة بمذاكرة دروسه رغم أنه لم يكن بينهما قاسم مشترك سواء في الدين و الجنس و اللغة و الوطن، لم يكن يجمعهما سوى الأدب و الثقافة، وافق طه حسين بارتجالية على طلبها، و من هنا بدأت علاقة الصداقة تنتشي بينهما كالنبتة ، و شيئا فشيئا تحولت إلى حبّ، حينما راح يغازلها باسلوب أدبي و هو يتحدث عن الشمس التي اشرقت عليه في يوم ربيعي رغم حالته البصرية ، من عباراته الخالدة التي ألقاها على زوجته وشكَّلت في نفسها بُعدًا جديدًا في شخصيته، حين قال لها: "إننا لا نحيا لنكون سعداء"! توفيت سوزان و هي تحمل في صدرها هذه الجملة التي حاولت طيلة حياتها أن تُقنعه بخطئها حتى فشلت واقتنعت هي بها
هي أجمل قصة حُبّ نشأت بين طه حسين و سوزان بريسو الباريسية نشرت بموقع "إضاءات"، عندما التقت به بباريس و تطوعت هذه الأخيرة بمذاكرة دروسه رغم أنه لم يكن بينهما قاسم مشترك سواء في الدين و الجنس و اللغة و الوطن، لم يكن يجمعهما سوى الأدب و الثقافة، وافق طه حسين بارتجالية على طلبها، و من هنا بدأت علاقة الصداقة تنتشي بينهما كالنبتة ، و شيئا فشيئا تحولت إلى حبّ، حينما راح يغازلها باسلوب أدبي و هو يتحدث عن الشمس التي اشرقت عليه في يوم ربيعي رغم حالته البصرية ، من عباراته الخالدة التي ألقاها على زوجته وشكَّلت في نفسها بُعدًا جديدًا في شخصيته، حين قال لها: "إننا لا نحيا لنكون سعداء"! توفيت سوزان و هي تحمل في صدرها هذه الجملة التي حاولت طيلة حياتها أن تُقنعه بخطئها حتى فشلت واقتنعت هي بها
فظهور سوزان في حياته منحه النور العاطفي الجرأة و الشجاعة ليكشف لها عن حبه قائلا: اغفري لي.. أنا أحبك، و هو يصف لها جمال صوتها، كانت سوزان تقرأ لطه حسين يوميا و لا تمل من الجلوس بقربه بل كانت تحرص على مرافقته إلى الجامعة، و تحكي سوزان في كتابها عن حياتها مع العميد بعنوان"معكِ"، أن العبارة التي تلفظ بها طه حسين "أحبكِ" لم تفاجئها ، فكان ردها سريع عندما ردت و صرخت فيه: "لكني لا أحبك"، كما لم تكن صدمة له كذلك، لأنه كان يدرك في أعماقه أن هذه الحب من طرف واحد، و أن هكذا حب مستحيلٌ، لكن بريق الصداقة بينهما لم يغب، حيث ظل طه حسين يراسلها بعد عودته لمسقط رأسه، كيف استطاع طه حسين أن يجعل قلب سوزان ينبض بالحب تجاهه؟ المهم أن سوزان رفعت الراية البيضاء و سلمت قلبها لهذا الكفيف، و بمباركة عمها القسّ عندما زارهم طه حسين و قال لها عمّها القس عبارة لم تنسها أبدًا "مع هذا الرجل سوف تشعرين بالامتلاء"، وافقت سوزان على زواجها بطه حسين، و هو تنازل كبير من أوروبية لرجل عربيّ ناهيك عن كونه كفيف، و هذا يعني انها لن تكون له رفيقة و زوجة فقط بل ممرضة أيضا.
لم يكن شرطها على عادة العرب مسكن و سيارة و مهر، بل كان شرطها الوحيد أن يتم الزفاف داخل كنيسة، تم ذلك في 09 أوت 1917 ، ما اثر في نفس هذا الأديب أن أهله لم يحضرا حفل الزفاف، فوقف طه في عُرسه وحيدًا، لكنه لم يبالِ، فلقد اكتفى بتلك الحسناء التي تتأبَّط ذراعه من الآن وإلى الأبد، كما ان زواجه في كنيسة كانت نار تلاحق شعلتها طه حسين و وجهت له تهمة الخروج عن الإسلام و الإرتماء في أحضان المسيحية لإرضاء زوجته الكاثوليكية ، ثم أنه لم يتمكن من أن يقنع زوجته باعتناق الإسلام، فسوزان تمسكن بدينها، وواظَبت على الذهاب إلى الكنيسة إلى أن توفيت و دُفنت في مقابر المسيحيين،كما أن اللغة الرسمية في منزل عميد اللغة العربية لم تكن العربية، لأن سوزان لم تُفرِّط في لسانها الفرنسي فلم تنطق إلا بها مع طه حتى لحظة طلوع روحها، حمل زواج سوزان من طه حسين تنازلاً مباشرًا عن طموحها الأدبي، لكنه في الوقت نفسه كان السبب الرئيسي في أن يكون زوجها عميدًا له.
تخلت سوزان عن حلمها لتكون أديبة، لتقاسمه المحن طيلة حياتها، فآلت أن يكون العميد هو أعظم رواياتها التي ستُخلِّد اسمها في سماء الأدب إلى الأبد، وإن لم تكتب في سبيل ذلك سطرًا واحدًا، لم تكن سوزان الناطق الرسمي لطه حسين ، حيث نذرت نفسها له سكرتيرة وقارئة ومُمرضة و متُحدِّثة بِاسمه في المؤتمرا، في العام 1939م، بل كانت بنصابة العلبة السوداء التي تحفظ اسراره، عندما كانا في فرنسا حيث أنهى طه كتابه المعجزة «الأيام»، وفي طريقهما للعودة استقلا باخرة في زمنٍ كانت به الحرب العالمية الثانية تعيش أوجها، وعاش كل الركاب قلقًا من أن تُستهدف السفينة بإحدى غواصات هتلر التي لا ترحم، وعندما لاحقتهم الانفجارات أجرى قائد السفينة تمرين إنقاذ، لاحظ خلاله أنها تحمل كيسًا جلديًّا بحرصٍ بالغ، سألها: "إنها ولا شك مجوهراتك؟"، فأجابته: "لا، يا سيدي القائد، إنه مخطوط كتاب لزوجي"، في العام 1923م، حضرا مؤتمرًا دوليًّا عن التاريخ في بروكسل، شارك طه فيه ببحثٍ أدبي عميق، لكنهما فوجئا أنه يجب يُلقي كلمة بنفسه أمام الحضور، وهو ما رفضه العميد تمامًا وكاد ينسحب من المؤتمر، لولا أن أنقذت سوزان الموقف وصعدت بدلًا منه وقرأت كلمته، وما أن علم الحضور بحقيقة الأمر ضجَّت القاعة بالتصفيق، تصفيق لم يناله حينما تكرَّر الأمر في جامعة الأزهر، ودُعي طه لإلقاء محاضرةٍ فيها.
كانت سوزان هي البديل و تكلمت باسمه، لكن عقدة الهوية و الوطن كانت حاجزا مانعا أمام طه حسين، يفكانت النتيجة أن وقعع حرب كلامية حول ظاهرة الزواج بالأجنبيات التي كان المجدتمع المصري يرفضها، وتحوَّلت المحاضرة إلى "حفل شتم و سب جماعي" خرج منه طه حسين مكسور الجناح ، وقتها لم يجد في مصر كلها يدًا تُربِّت عليه إلا أصابع سوزان التي احتوت رأسه وهوَّنت عليه ما جرى، كانت حياة طه حسين شبه تعيسة، لكن وجود الأطفال أعاد له الحياة ليبتسم، فقد رزقت سوزان من طه حسين بنت سماها أمينة و ولدهما مؤنس، أثناء المخاض أمسك طه بيدي زوجته، وسمعها تهمس: إنه ولدٌ، فردَّ عليها: إذن هو مؤنس لنا، و سمّاه مؤنس، حاوَل طه حسين أن يُنقذ ابنه من البراثن الفرنسية ويغرس حُب العربية في نفسه، فكان يُلقي بأشعار القصائد العربية القديمة على مسامعه وهو بعد في شهره الثالث، وكانت هذه إحدى المهام التي فشل فيها فظلَّت الفرنسية هي الأقرب إلى نفس مؤنس طه حسين، فحصل على الدكتوراه في الأدب من السوربون.
أما عن ابنته أمينة فقد تزوجت هذه الإخيرة من محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر الأسبق و ذطكر في كتابه "ما بعد الأيام"، أن طه بعد الخطوبة لم ينفق ليله ونهاره على كتابة كلمات الحب والغرام، وإنما في دراسة تاريخ اليونان والرومان والأدب الفرنسي، ويؤكد أنه انشغل بالدراسة بشدة حتى إنه اكتشف فجأة أن ميعاد زواجه قريب من موعد الامتحانات، فقام بتأجيلها ليتفرغ إلى سوزان، وبعدما أنجبت زوجته أمنية، لم يؤثر هذا قطُّ على شراهته العلمية، فكان يُملي الرسائل الأدبية على زوجته وهو يحمل ابنته بين ذراعيه ويتمشَّى بها في الغرفة، من عباراته الخالدة التي ألقاها على زوجته وشكَّلت في نفسها بُعدًا جديدًا في شخصيته، حين قال لها: "إننا لا نحيا لنكون سعداء"! توفيت سوزان و هي تحمل في صدرها هذه الجملة التي حاولت طيلة حياتها أن تُقنعه بخطئها حتى فشلت واقتنعت هي بها، و خلاصة القول أن تضحيات سوزان المسيحية قلما تقوم به زوجة مسلمة تجاه زوجها، و ما أكثر قصص الخيانة الزوجية و حالات الطلاق في المجتمع المسلم، و لهذا كان طه حسين يردد لزوجته بالقول:
لم يكن شرطها على عادة العرب مسكن و سيارة و مهر، بل كان شرطها الوحيد أن يتم الزفاف داخل كنيسة، تم ذلك في 09 أوت 1917 ، ما اثر في نفس هذا الأديب أن أهله لم يحضرا حفل الزفاف، فوقف طه في عُرسه وحيدًا، لكنه لم يبالِ، فلقد اكتفى بتلك الحسناء التي تتأبَّط ذراعه من الآن وإلى الأبد، كما ان زواجه في كنيسة كانت نار تلاحق شعلتها طه حسين و وجهت له تهمة الخروج عن الإسلام و الإرتماء في أحضان المسيحية لإرضاء زوجته الكاثوليكية ، ثم أنه لم يتمكن من أن يقنع زوجته باعتناق الإسلام، فسوزان تمسكن بدينها، وواظَبت على الذهاب إلى الكنيسة إلى أن توفيت و دُفنت في مقابر المسيحيين،كما أن اللغة الرسمية في منزل عميد اللغة العربية لم تكن العربية، لأن سوزان لم تُفرِّط في لسانها الفرنسي فلم تنطق إلا بها مع طه حتى لحظة طلوع روحها، حمل زواج سوزان من طه حسين تنازلاً مباشرًا عن طموحها الأدبي، لكنه في الوقت نفسه كان السبب الرئيسي في أن يكون زوجها عميدًا له.
تخلت سوزان عن حلمها لتكون أديبة، لتقاسمه المحن طيلة حياتها، فآلت أن يكون العميد هو أعظم رواياتها التي ستُخلِّد اسمها في سماء الأدب إلى الأبد، وإن لم تكتب في سبيل ذلك سطرًا واحدًا، لم تكن سوزان الناطق الرسمي لطه حسين ، حيث نذرت نفسها له سكرتيرة وقارئة ومُمرضة و متُحدِّثة بِاسمه في المؤتمرا، في العام 1939م، بل كانت بنصابة العلبة السوداء التي تحفظ اسراره، عندما كانا في فرنسا حيث أنهى طه كتابه المعجزة «الأيام»، وفي طريقهما للعودة استقلا باخرة في زمنٍ كانت به الحرب العالمية الثانية تعيش أوجها، وعاش كل الركاب قلقًا من أن تُستهدف السفينة بإحدى غواصات هتلر التي لا ترحم، وعندما لاحقتهم الانفجارات أجرى قائد السفينة تمرين إنقاذ، لاحظ خلاله أنها تحمل كيسًا جلديًّا بحرصٍ بالغ، سألها: "إنها ولا شك مجوهراتك؟"، فأجابته: "لا، يا سيدي القائد، إنه مخطوط كتاب لزوجي"، في العام 1923م، حضرا مؤتمرًا دوليًّا عن التاريخ في بروكسل، شارك طه فيه ببحثٍ أدبي عميق، لكنهما فوجئا أنه يجب يُلقي كلمة بنفسه أمام الحضور، وهو ما رفضه العميد تمامًا وكاد ينسحب من المؤتمر، لولا أن أنقذت سوزان الموقف وصعدت بدلًا منه وقرأت كلمته، وما أن علم الحضور بحقيقة الأمر ضجَّت القاعة بالتصفيق، تصفيق لم يناله حينما تكرَّر الأمر في جامعة الأزهر، ودُعي طه لإلقاء محاضرةٍ فيها.
كانت سوزان هي البديل و تكلمت باسمه، لكن عقدة الهوية و الوطن كانت حاجزا مانعا أمام طه حسين، يفكانت النتيجة أن وقعع حرب كلامية حول ظاهرة الزواج بالأجنبيات التي كان المجدتمع المصري يرفضها، وتحوَّلت المحاضرة إلى "حفل شتم و سب جماعي" خرج منه طه حسين مكسور الجناح ، وقتها لم يجد في مصر كلها يدًا تُربِّت عليه إلا أصابع سوزان التي احتوت رأسه وهوَّنت عليه ما جرى، كانت حياة طه حسين شبه تعيسة، لكن وجود الأطفال أعاد له الحياة ليبتسم، فقد رزقت سوزان من طه حسين بنت سماها أمينة و ولدهما مؤنس، أثناء المخاض أمسك طه بيدي زوجته، وسمعها تهمس: إنه ولدٌ، فردَّ عليها: إذن هو مؤنس لنا، و سمّاه مؤنس، حاوَل طه حسين أن يُنقذ ابنه من البراثن الفرنسية ويغرس حُب العربية في نفسه، فكان يُلقي بأشعار القصائد العربية القديمة على مسامعه وهو بعد في شهره الثالث، وكانت هذه إحدى المهام التي فشل فيها فظلَّت الفرنسية هي الأقرب إلى نفس مؤنس طه حسين، فحصل على الدكتوراه في الأدب من السوربون.
أما عن ابنته أمينة فقد تزوجت هذه الإخيرة من محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر الأسبق و ذطكر في كتابه "ما بعد الأيام"، أن طه بعد الخطوبة لم ينفق ليله ونهاره على كتابة كلمات الحب والغرام، وإنما في دراسة تاريخ اليونان والرومان والأدب الفرنسي، ويؤكد أنه انشغل بالدراسة بشدة حتى إنه اكتشف فجأة أن ميعاد زواجه قريب من موعد الامتحانات، فقام بتأجيلها ليتفرغ إلى سوزان، وبعدما أنجبت زوجته أمنية، لم يؤثر هذا قطُّ على شراهته العلمية، فكان يُملي الرسائل الأدبية على زوجته وهو يحمل ابنته بين ذراعيه ويتمشَّى بها في الغرفة، من عباراته الخالدة التي ألقاها على زوجته وشكَّلت في نفسها بُعدًا جديدًا في شخصيته، حين قال لها: "إننا لا نحيا لنكون سعداء"! توفيت سوزان و هي تحمل في صدرها هذه الجملة التي حاولت طيلة حياتها أن تُقنعه بخطئها حتى فشلت واقتنعت هي بها، و خلاصة القول أن تضحيات سوزان المسيحية قلما تقوم به زوجة مسلمة تجاه زوجها، و ما أكثر قصص الخيانة الزوجية و حالات الطلاق في المجتمع المسلم، و لهذا كان طه حسين يردد لزوجته بالقول:
"من دونك أشعر فعلاً بأني ضرير
لأني معك قادرٌ على استشعار كل شيء
وعلى الاختلاط بالأشياء التي تحيط بنا"
لأني معك قادرٌ على استشعار كل شيء
وعلى الاختلاط بالأشياء التي تحيط بنا"
علجية عيش – قراءة مختصرة-
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى