التحرير الجزائرية تحاورالملاحظ السياسي محمد دحمون عضو قيادي سابق في حزب أحمد بن بلة
الأحد 15 نوفمبر 2020 - 0:17
اللاستقرار الداخلي يخدم مصالح فرنسا أكثر ما يخدم الجزائر
(المنظومة التربوية ينبغي ان تبتعد عن المهاترات السياسية الايديولوجية)
اعتبرالملاحظ السياسي محمد دحمون عضو قيادي سابق في الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر MDA التي أسسها الرئيس الراحل أحمد بن بلة في المهجر الحراك الشعبي في الجزائر قفزة نوعية لم تحدث في تاريخ الجزائر الحديث، ولا حتى داخل الفضاء الجغرافي العربي ، حيث شكل هزة قوية ظهرت نتائجها على محيط أوروبا وعلى المحيط الاقليمي العربي، حدث تخوف من ثورات الشعوب على الانظمة الحاكمة، وعلى تغيير نظام عالمي وآلياته التي انتجتها نهاية الحرب العالمية الثانية، يقول أن المسؤولية الكبيرة تقع على رئيس الجمهورية كمؤسسة يمارس صلاحياته لحماية مطالب الشعب وتطلعاته التي هي في الأساس تطلعات الدولة في استقلاليتها الكاملة، و الحل كما يرى هو يكمن في تجسيد الأفكار الجادة في تعبئة الطاقات تحقيقا لمصلحة الأمة العليا ، و محمد دحمون خريج الجامعة الجزائرية في الأدب العربي و له تجربة واسعة في تسيير المجالس المنتخبة منذ نهاية السبعينات ، كملاحظ سياسي التقينا به فقدم لنا رؤيته لما يحدث في الجزائر
(المنظومة التربوية ينبغي ان تبتعد عن المهاترات السياسية الايديولوجية)
اعتبرالملاحظ السياسي محمد دحمون عضو قيادي سابق في الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر MDA التي أسسها الرئيس الراحل أحمد بن بلة في المهجر الحراك الشعبي في الجزائر قفزة نوعية لم تحدث في تاريخ الجزائر الحديث، ولا حتى داخل الفضاء الجغرافي العربي ، حيث شكل هزة قوية ظهرت نتائجها على محيط أوروبا وعلى المحيط الاقليمي العربي، حدث تخوف من ثورات الشعوب على الانظمة الحاكمة، وعلى تغيير نظام عالمي وآلياته التي انتجتها نهاية الحرب العالمية الثانية، يقول أن المسؤولية الكبيرة تقع على رئيس الجمهورية كمؤسسة يمارس صلاحياته لحماية مطالب الشعب وتطلعاته التي هي في الأساس تطلعات الدولة في استقلاليتها الكاملة، و الحل كما يرى هو يكمن في تجسيد الأفكار الجادة في تعبئة الطاقات تحقيقا لمصلحة الأمة العليا ، و محمد دحمون خريج الجامعة الجزائرية في الأدب العربي و له تجربة واسعة في تسيير المجالس المنتخبة منذ نهاية السبعينات ، كملاحظ سياسي التقينا به فقدم لنا رؤيته لما يحدث في الجزائر
من البديهي أن الجميع قد تأثر بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد،بعدما تحول من مرض مميت إلى كارثة اقتصادية، في رأيكم ماهي التحديات التي يمكن أن ترفعهاالجزائر، وكيف يمكن تعويض الخسائر التي لحقت بالمؤسسات؟
أحدثت جائحة الكورونا هلعا واسعا في كل الاوساط الاجتماعية والاقتصادية ، وكان لها تأثير كبير على مستوى التكفل الصحي بالمصابين بهذا الفيروس المستجد ، ووقفت كبريات الدول عاجزة على توفير التغطية الصحية لأعداد المرضى ، وأمام غياب معرفة دقيقة لهوية الفيروس وطبيعة انتشاره في البداية ، تسبب في خلل على مستوى الفعل العلاجي للمصابين والامكانيات المتاحة لاستقبالهم، اعتقد ان تأخر انتقال الفيروس الى الجزائر، سمح للبلد باتخاذ اجراءات وقائية سريعة ترتبط بالحد من انتشاره بعد اكتشافه في البليدة ، وتم ضبط آليات مراقبة ومتابعة لهذا الوباء مكنت من التخفيف من انتشاره ، كان لهذه الجائحة تأثيرها السلبي على مستوى الاقتصادي، تسببت في خسائر واسعة على مستوى المؤسسات الانتاجية والخدماتية بالخصوص ، ليس لي الماما دقيقا بحجم هذه الخسائر ، الا ان تأثيرها على المستوى الاجتماعي كان ظاهرا للعيان ، تمثل في البداية بنقص مواد الوقاية والتعقيم بالصيدليات ، وايضا نقص المواد الغذائية وبخاصة في المدن الداخلية ..
كما شكلت هذه الجائحة تحديا كبيرة أمام الحكومة ، وكان الرهان يتمحور حول تعبئة كل الوسائل والجهود لابقاء وتيرة النشاط قائمة على كل المستويات، والبحث عن كل البدائل الممكنة لتعزيز مناعة هيكلية تنظيمية بغاية تجاوز كل المخاطر المتوقعة، مما خلق ديناميكية على مستوى المؤسسات التي ضاعفت من جهودها ، وحتى المجتمع بادر بالعمل من جهته على تقديم الدعم ، واعتقد ان الجائحة نفسها تشكل تحديا امام الدولة للتكفل بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية الكبرى ولايمكن ضبط هذه العملية وفق ممارسات تسيير اداري بيروقراطي فالتجارب السابقة اظهرت ان هذا السلوك الممارساتي لمنظومة الحكم لن يفضي الى حلول جدية لكل القضايا المطروحة ، وعليه لا بد من تغيير سلوك التفكير ليتماشى وفق منهجية علمية ، وهذا يتطلب تأسيس آليات تفكير في كل شيء وتوقع النتائج قبل حدوثها ، وهذا يعتمد على تعبئة الطاقات العلمية ذات الكفاءة العالية لرسم السياسات واقتراح الحلول وفق رؤية تغيير الممارسات العشوائية ، لبناء دولة حديثة تراعي فيها تطلعات الشعب الى الحرية والعمل والعدل والتوزيع العادل للثروات واستغلالها بما يخدم مصلحة الأمة .
مرّ على الجزائر عدة رؤساء، بحكم تجربتكم السياسيةهل بإمكانكم أن تقدموا للمواطن الجزائري صورة عن وضع الجزائر بين الأمس واليوم؟
لابد من تقييم ممارسات منظومة الحكم منذ الاستقلال ومعرفة العوامل المؤثرة الداخلية والخارجية ، تقييما علميا موضوعيا، بعيدا عن اي نزعة شد ومد قد تؤثر في النتائج ، وبذلك نتوقف على كل سلبيات الفعل السياسي كرؤية نهضوية تراعي الحاجات الوطنية والتحديات المطروحة في كل المجالات .. ولايمكن ان نفضل تجربة رئيس دولة على الاخر ، فمثل هذا التفكير يسقطنا في فخ التقييم العاطفي ، لان منظومة الحكم كانت واحدة ، والاختلاف يكمن في قدرة كل رئيس على محيطه اي بنية الحكم ومؤسساتها واختيار الرجال الذي غالبا ما كان يتم حسب الولاء ، بمعنى ان الاختيار لم يكن مبنيا على معيار الكفاءة العلمية و القدرة على التسيير، فالتجارب السابقة فشلها نتج عن غياب رؤية واضحة للسياسات المراد تنفيذها تجسيدا للاهداف الكبرى للتنمية المتكاملة ، لان الجزائر للاسف اختزلت في الشريط الساحلي الذي لا تتجاوز مساحته 40 بالمائة من مساحة الجزائر ونتائجها السلبية نعاني من ضغطها اليوم كثافة سكانية رهيبة تشكل تحديا كبيرا أمام الدولة وبنيتها التنظيمية للحكامة في تحديد السلطات والتمثيل العادل لكل التراب الوطني ، وللاسف معيار التمثيل اعتمد على أساس الكثافة السكانية فقط وتم اقصاء معايير اخرى لو اعتمدت لكانت الجزائر في منأى عن الهزات الاجتماعية .
ما يتردد في الساحة هو أن الحراك الشعبي لم يأت ثماره، ياترى ماهي الأسباب في نظركم؟واين نجد محمد دحمون في هذاالحراك؟
الثورة الشعبية ( الحراك) اعتبرها قفزة نوعية لم تحدث في تاريخ الجزائر الحديث ، ولا حتى داخل الفضاء الجغرافي العربي ، شكل هزة قوية ظهرت نتائجها على محيط اوروبا خصوصا ، وايضا على محيطنا الاقليمي العربي .. حدث تخوف من ثورات الشعوب على الانظمة الحاكمة ، وعلى تغيير نظام عالمي والياته التي انتجتها نهاية الحرب العالمية الثانية ، في الجزائر لأول مرة يتم اسقاط رئاسة الجمهورية أعلى هرم في سلطة الدولة ، ولولا تماسك انضباطمؤسسة الجيش ، واختيارها لحماية الشعب لكانت الكارثة ، مع أناطرافا خارجية وفرنسا بالخصوص كانت تخطط لهذهالفوضى داخل الجزائر ، لا يمكن طبعا ان نتجاهل قيمة ما حدث نتيجة لهذا الحراك الشعبي على مستوى الوعي والحريات ، وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل المستفيدين من الوضع السابق بمختلف أطيافهم وحركة محاولات الالتفاف على النتائج الايجابية التي تحققت ، وايضا لا ينبغي ان نغفل على قوة تأثير الممارسات السابقة لمنظومة الحكم وانتشارها في بنية مؤسسات الدولة من البلديات الى اعلى هرم الدولة ، وهي الآن تشكل قوة شد لعرقلة اي تغيير ايجابي يعطي ديناميكية سياسية تحقق تطلعات الشعب وانشغالاته ، وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على رئيس الجمهورية كمؤسسة يمارس صلاحياته لحماية مطالب الشعب وتطلعاته التي هي في الأساس تطلعات الدولة في استقلاليتها الكاملة لرسم سياسات قوية تكون في مستوى هذه الهبة التاريخية للشعب ، ولا يمكن تجسيد ذلك بانتهاج أساليب الماضي في ادارة الدولة ، بل يجب اعتماد المعرفة والعلم كنهج يحقق قفزة نوعية لادارة الشأن العام ، والابتعاد عن فكرة "معيار التجربة" في مناصب المسؤوليات ، اليوم نحتاج لتسيير علمي معرفي .
أثار مشروع التعديل الدستوري في الجزائر جدلا قويا،وعلى مستوى دولي، كملاحظ سياسي بماذا تعلقون على تصريحات وزيرالخارجية الفرنسي الذي طالب الشعب الجزائري بالتصويت على المشروع؟
الرهان الحالي يكمن في تأسيس منظومة حكم عادل يتجاوز سلبيات المنظومة السابقة على مستوى تنظيم السلطات داخل الدولة وفق منهجتكاملي ، والابتعاد عن ممارسات نزعة الفرد في ادارة الدولة ، والدستور وثيقة جوهرية يعالج هذه الإشكالية بعيدا عن أي تأثير مهما كانت طبيعته ، ثم أن الحراك الشعبي اسقط الدستور السابق ، برفضه لممارسات همشت الشعب ، وابعدته عن المراقبة والمتابعة لادارة الشأن العام باعتباره المستهدف الاول لنتائج التسيير والتكفل بقضاياه، الجدل الذي حدث حول الدستور، انتجه مضمون الدستور نفسه فبدل أن يركز التعديل على تنظيم بنية الدولة وتنظيم السلطات بشكل متوازن يحقق استقلاليتها في القيام بدورها وفق القواعد المحددة دستوريا خدمة للشعب الذي هو محور كل سلطة يمارس من خلالها سيادته ، إلا أن النقاش تزحلق نحو مسائل ثقافية كان من المفروض ان لاتقارن دستوريا فالقانون كفيل بمعالجة قضايا عديدة ولا تدرج اصلا في الدستور الذي يحمل صفة الثبات ، بينما القوانين تتغير كلما دعت الحاجة الى ذلك تماشيا مع التطور ، تدخل وزير الخارجية الفرنسي في شأن داخلي يهم الشعب الجزائري ، يبرز الرغبة الفرنسية في دفع الجزائر نحو توسيع مجال الخلافات بين فئات الشعب ، وهي اللعبة المفضلة للغرب الرسمي فاللاستقرار الداخلي يخدم مصالحه أكثر ، ويبدو ان الابقاء على حدة النقاش حول المسألة الثقافية تهم فرنسا ، وتساعدها على توسيع هوة الخلافات ..
هل يمكن أن تقدموا للمواطن العادي رؤية لجزائر مابعد التعديل الدستوري؟وماهي المنهجية المثلى لإستشراف مستقبل الشباب الجزائري؟
يظل المستقبل ضبابيا في ظل إذا ما استمر التركيز على نقاشات حول المسائل الثقافية ، التي تشكل انحرافا عن قضايا الواقع ببعديه الاجتماعي والاقتصادي ، وبالتالي هذا الانحراف عن المسائل الجوهرية لا يحقق طفرة تنموية تساعد على الاستقرار والتطور وتمكن الشباب من المساهمة في البناء الوطني، وتجسيد الأفكار الجادة في تعبئة الطاقات وتحريرها تحقيقا لمصلحة الأمة العليا التي تتجاوز بموجبها كل المعيقات التي تحد من تجسيد الامال في ضمان مستقبل آمن ومستقر .
نعود إلى المنظومة التربوية،الكثير ينتقد المنهجية التي سارت عليها وزارةالتربية في تحديد معدل النجاح في البكالوريا،حيث يرى البعض أنها خطرعلى مستوى الطلبة التعليمي بعد انتقالهم إلى الجامعة أو حتى بعد تخرجهم منها،أين يكمن الخلل في رايكم؟وكيف ننهض بالمنظومة التربوية في الجزائر؟
المنظومة التربوية ينبغي ان تبتعد عن المهاترات السياسية الايديولوجية ، وتعمل على تحقيق البنية العقلية التي تبني الفرد بناء كاملا ، المشبع بميزاته وخصائصه وتجسيد غايات العملية التعليمية التي تلبي حاجات المجتمع ، وتجسد القدرة على الابداع في كل المجال، و نشير هنا أن التعليم في الجزائر في حاجة الى تقييم شامل وعلى ضوئه يتم اعداد رؤية تعليمية تراعي بناء الفرد واعداده وتأهيله ليكون قادرا على التحدي ، و يمتلك منهجية التفكير العلمي كسلوك في الحياة ، وبهذا نعد جيلا متماسكا ومؤهلا على التكفل بقضاياه الوطنية، فالاجتهادات المرحلية التي تتتاغم مع الظروف الطارئه وتلبي حاجات مرحلة ما ، لا تخدم التعليم المنشود الذي يسعي لاعداد الفرد اعدادا صحيحا يجعل من العقل عقلا منتجا للمعرفة والعلم ، ومساهما بكل قوة في تجسيد افكاره.. الاجراءات المتخذة من الوزارة بتحديد معدل البكالورياهذه السنة بسبب جائحة الكورونا، ليست حكيمة لانها لا تستند الى رؤية الى رؤية علمية ، وجاءت لحسابات سياسية آنية ، وهذا المسلك لا يخدم التعليم ، وبالتالي لايخدم الطلبة .
ماهي أهم التحديات التي يمكن أن ترفعها الدولة في مابعد المحروقات لك تكون في مستوى الدول المتقدمة؟
التحديات الكبرى تكمن في اعتماد تعليم عصري وقوي ينتج المعرفة ، ويعد الافراد المؤهلين ، وتوفير مناخ صحي حر يتيح للانسان الابداع في كل المجالات ، واعتماد سياسة اقتصادية منتجة تعتمد على تنويع العمليات الاقتصادية الملبية للحاجات الوطنية والقابلة للتصدير ، وهناك ثروات غير مستغلة تحتاج فقط الى معرفة عقول مبدعة ، وهي مهمة التعليم العالي .
كلمتكم الاخيرة:
أسأل الله أن يحمي هذا الوطن من كيد الكائدين ، ويؤلف بين القلوب لتكون درعا لتصون هذه الارض الطاهرة المسقية بدماء الشهداء، ويقوي ايماننا وينير عقولنا لنعي مصالحنا ونحافظ عليها ، حتى لا نسمح بمناقشة قضايانا في غيابنا ووراء ظهورنا .
حاورته علجية عيش
أحدثت جائحة الكورونا هلعا واسعا في كل الاوساط الاجتماعية والاقتصادية ، وكان لها تأثير كبير على مستوى التكفل الصحي بالمصابين بهذا الفيروس المستجد ، ووقفت كبريات الدول عاجزة على توفير التغطية الصحية لأعداد المرضى ، وأمام غياب معرفة دقيقة لهوية الفيروس وطبيعة انتشاره في البداية ، تسبب في خلل على مستوى الفعل العلاجي للمصابين والامكانيات المتاحة لاستقبالهم، اعتقد ان تأخر انتقال الفيروس الى الجزائر، سمح للبلد باتخاذ اجراءات وقائية سريعة ترتبط بالحد من انتشاره بعد اكتشافه في البليدة ، وتم ضبط آليات مراقبة ومتابعة لهذا الوباء مكنت من التخفيف من انتشاره ، كان لهذه الجائحة تأثيرها السلبي على مستوى الاقتصادي، تسببت في خسائر واسعة على مستوى المؤسسات الانتاجية والخدماتية بالخصوص ، ليس لي الماما دقيقا بحجم هذه الخسائر ، الا ان تأثيرها على المستوى الاجتماعي كان ظاهرا للعيان ، تمثل في البداية بنقص مواد الوقاية والتعقيم بالصيدليات ، وايضا نقص المواد الغذائية وبخاصة في المدن الداخلية ..
كما شكلت هذه الجائحة تحديا كبيرة أمام الحكومة ، وكان الرهان يتمحور حول تعبئة كل الوسائل والجهود لابقاء وتيرة النشاط قائمة على كل المستويات، والبحث عن كل البدائل الممكنة لتعزيز مناعة هيكلية تنظيمية بغاية تجاوز كل المخاطر المتوقعة، مما خلق ديناميكية على مستوى المؤسسات التي ضاعفت من جهودها ، وحتى المجتمع بادر بالعمل من جهته على تقديم الدعم ، واعتقد ان الجائحة نفسها تشكل تحديا امام الدولة للتكفل بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية الكبرى ولايمكن ضبط هذه العملية وفق ممارسات تسيير اداري بيروقراطي فالتجارب السابقة اظهرت ان هذا السلوك الممارساتي لمنظومة الحكم لن يفضي الى حلول جدية لكل القضايا المطروحة ، وعليه لا بد من تغيير سلوك التفكير ليتماشى وفق منهجية علمية ، وهذا يتطلب تأسيس آليات تفكير في كل شيء وتوقع النتائج قبل حدوثها ، وهذا يعتمد على تعبئة الطاقات العلمية ذات الكفاءة العالية لرسم السياسات واقتراح الحلول وفق رؤية تغيير الممارسات العشوائية ، لبناء دولة حديثة تراعي فيها تطلعات الشعب الى الحرية والعمل والعدل والتوزيع العادل للثروات واستغلالها بما يخدم مصلحة الأمة .
مرّ على الجزائر عدة رؤساء، بحكم تجربتكم السياسيةهل بإمكانكم أن تقدموا للمواطن الجزائري صورة عن وضع الجزائر بين الأمس واليوم؟
لابد من تقييم ممارسات منظومة الحكم منذ الاستقلال ومعرفة العوامل المؤثرة الداخلية والخارجية ، تقييما علميا موضوعيا، بعيدا عن اي نزعة شد ومد قد تؤثر في النتائج ، وبذلك نتوقف على كل سلبيات الفعل السياسي كرؤية نهضوية تراعي الحاجات الوطنية والتحديات المطروحة في كل المجالات .. ولايمكن ان نفضل تجربة رئيس دولة على الاخر ، فمثل هذا التفكير يسقطنا في فخ التقييم العاطفي ، لان منظومة الحكم كانت واحدة ، والاختلاف يكمن في قدرة كل رئيس على محيطه اي بنية الحكم ومؤسساتها واختيار الرجال الذي غالبا ما كان يتم حسب الولاء ، بمعنى ان الاختيار لم يكن مبنيا على معيار الكفاءة العلمية و القدرة على التسيير، فالتجارب السابقة فشلها نتج عن غياب رؤية واضحة للسياسات المراد تنفيذها تجسيدا للاهداف الكبرى للتنمية المتكاملة ، لان الجزائر للاسف اختزلت في الشريط الساحلي الذي لا تتجاوز مساحته 40 بالمائة من مساحة الجزائر ونتائجها السلبية نعاني من ضغطها اليوم كثافة سكانية رهيبة تشكل تحديا كبيرا أمام الدولة وبنيتها التنظيمية للحكامة في تحديد السلطات والتمثيل العادل لكل التراب الوطني ، وللاسف معيار التمثيل اعتمد على أساس الكثافة السكانية فقط وتم اقصاء معايير اخرى لو اعتمدت لكانت الجزائر في منأى عن الهزات الاجتماعية .
ما يتردد في الساحة هو أن الحراك الشعبي لم يأت ثماره، ياترى ماهي الأسباب في نظركم؟واين نجد محمد دحمون في هذاالحراك؟
الثورة الشعبية ( الحراك) اعتبرها قفزة نوعية لم تحدث في تاريخ الجزائر الحديث ، ولا حتى داخل الفضاء الجغرافي العربي ، شكل هزة قوية ظهرت نتائجها على محيط اوروبا خصوصا ، وايضا على محيطنا الاقليمي العربي .. حدث تخوف من ثورات الشعوب على الانظمة الحاكمة ، وعلى تغيير نظام عالمي والياته التي انتجتها نهاية الحرب العالمية الثانية ، في الجزائر لأول مرة يتم اسقاط رئاسة الجمهورية أعلى هرم في سلطة الدولة ، ولولا تماسك انضباطمؤسسة الجيش ، واختيارها لحماية الشعب لكانت الكارثة ، مع أناطرافا خارجية وفرنسا بالخصوص كانت تخطط لهذهالفوضى داخل الجزائر ، لا يمكن طبعا ان نتجاهل قيمة ما حدث نتيجة لهذا الحراك الشعبي على مستوى الوعي والحريات ، وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل المستفيدين من الوضع السابق بمختلف أطيافهم وحركة محاولات الالتفاف على النتائج الايجابية التي تحققت ، وايضا لا ينبغي ان نغفل على قوة تأثير الممارسات السابقة لمنظومة الحكم وانتشارها في بنية مؤسسات الدولة من البلديات الى اعلى هرم الدولة ، وهي الآن تشكل قوة شد لعرقلة اي تغيير ايجابي يعطي ديناميكية سياسية تحقق تطلعات الشعب وانشغالاته ، وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على رئيس الجمهورية كمؤسسة يمارس صلاحياته لحماية مطالب الشعب وتطلعاته التي هي في الأساس تطلعات الدولة في استقلاليتها الكاملة لرسم سياسات قوية تكون في مستوى هذه الهبة التاريخية للشعب ، ولا يمكن تجسيد ذلك بانتهاج أساليب الماضي في ادارة الدولة ، بل يجب اعتماد المعرفة والعلم كنهج يحقق قفزة نوعية لادارة الشأن العام ، والابتعاد عن فكرة "معيار التجربة" في مناصب المسؤوليات ، اليوم نحتاج لتسيير علمي معرفي .
أثار مشروع التعديل الدستوري في الجزائر جدلا قويا،وعلى مستوى دولي، كملاحظ سياسي بماذا تعلقون على تصريحات وزيرالخارجية الفرنسي الذي طالب الشعب الجزائري بالتصويت على المشروع؟
الرهان الحالي يكمن في تأسيس منظومة حكم عادل يتجاوز سلبيات المنظومة السابقة على مستوى تنظيم السلطات داخل الدولة وفق منهجتكاملي ، والابتعاد عن ممارسات نزعة الفرد في ادارة الدولة ، والدستور وثيقة جوهرية يعالج هذه الإشكالية بعيدا عن أي تأثير مهما كانت طبيعته ، ثم أن الحراك الشعبي اسقط الدستور السابق ، برفضه لممارسات همشت الشعب ، وابعدته عن المراقبة والمتابعة لادارة الشأن العام باعتباره المستهدف الاول لنتائج التسيير والتكفل بقضاياه، الجدل الذي حدث حول الدستور، انتجه مضمون الدستور نفسه فبدل أن يركز التعديل على تنظيم بنية الدولة وتنظيم السلطات بشكل متوازن يحقق استقلاليتها في القيام بدورها وفق القواعد المحددة دستوريا خدمة للشعب الذي هو محور كل سلطة يمارس من خلالها سيادته ، إلا أن النقاش تزحلق نحو مسائل ثقافية كان من المفروض ان لاتقارن دستوريا فالقانون كفيل بمعالجة قضايا عديدة ولا تدرج اصلا في الدستور الذي يحمل صفة الثبات ، بينما القوانين تتغير كلما دعت الحاجة الى ذلك تماشيا مع التطور ، تدخل وزير الخارجية الفرنسي في شأن داخلي يهم الشعب الجزائري ، يبرز الرغبة الفرنسية في دفع الجزائر نحو توسيع مجال الخلافات بين فئات الشعب ، وهي اللعبة المفضلة للغرب الرسمي فاللاستقرار الداخلي يخدم مصالحه أكثر ، ويبدو ان الابقاء على حدة النقاش حول المسألة الثقافية تهم فرنسا ، وتساعدها على توسيع هوة الخلافات ..
هل يمكن أن تقدموا للمواطن العادي رؤية لجزائر مابعد التعديل الدستوري؟وماهي المنهجية المثلى لإستشراف مستقبل الشباب الجزائري؟
يظل المستقبل ضبابيا في ظل إذا ما استمر التركيز على نقاشات حول المسائل الثقافية ، التي تشكل انحرافا عن قضايا الواقع ببعديه الاجتماعي والاقتصادي ، وبالتالي هذا الانحراف عن المسائل الجوهرية لا يحقق طفرة تنموية تساعد على الاستقرار والتطور وتمكن الشباب من المساهمة في البناء الوطني، وتجسيد الأفكار الجادة في تعبئة الطاقات وتحريرها تحقيقا لمصلحة الأمة العليا التي تتجاوز بموجبها كل المعيقات التي تحد من تجسيد الامال في ضمان مستقبل آمن ومستقر .
نعود إلى المنظومة التربوية،الكثير ينتقد المنهجية التي سارت عليها وزارةالتربية في تحديد معدل النجاح في البكالوريا،حيث يرى البعض أنها خطرعلى مستوى الطلبة التعليمي بعد انتقالهم إلى الجامعة أو حتى بعد تخرجهم منها،أين يكمن الخلل في رايكم؟وكيف ننهض بالمنظومة التربوية في الجزائر؟
المنظومة التربوية ينبغي ان تبتعد عن المهاترات السياسية الايديولوجية ، وتعمل على تحقيق البنية العقلية التي تبني الفرد بناء كاملا ، المشبع بميزاته وخصائصه وتجسيد غايات العملية التعليمية التي تلبي حاجات المجتمع ، وتجسد القدرة على الابداع في كل المجال، و نشير هنا أن التعليم في الجزائر في حاجة الى تقييم شامل وعلى ضوئه يتم اعداد رؤية تعليمية تراعي بناء الفرد واعداده وتأهيله ليكون قادرا على التحدي ، و يمتلك منهجية التفكير العلمي كسلوك في الحياة ، وبهذا نعد جيلا متماسكا ومؤهلا على التكفل بقضاياه الوطنية، فالاجتهادات المرحلية التي تتتاغم مع الظروف الطارئه وتلبي حاجات مرحلة ما ، لا تخدم التعليم المنشود الذي يسعي لاعداد الفرد اعدادا صحيحا يجعل من العقل عقلا منتجا للمعرفة والعلم ، ومساهما بكل قوة في تجسيد افكاره.. الاجراءات المتخذة من الوزارة بتحديد معدل البكالورياهذه السنة بسبب جائحة الكورونا، ليست حكيمة لانها لا تستند الى رؤية الى رؤية علمية ، وجاءت لحسابات سياسية آنية ، وهذا المسلك لا يخدم التعليم ، وبالتالي لايخدم الطلبة .
ماهي أهم التحديات التي يمكن أن ترفعها الدولة في مابعد المحروقات لك تكون في مستوى الدول المتقدمة؟
التحديات الكبرى تكمن في اعتماد تعليم عصري وقوي ينتج المعرفة ، ويعد الافراد المؤهلين ، وتوفير مناخ صحي حر يتيح للانسان الابداع في كل المجالات ، واعتماد سياسة اقتصادية منتجة تعتمد على تنويع العمليات الاقتصادية الملبية للحاجات الوطنية والقابلة للتصدير ، وهناك ثروات غير مستغلة تحتاج فقط الى معرفة عقول مبدعة ، وهي مهمة التعليم العالي .
كلمتكم الاخيرة:
أسأل الله أن يحمي هذا الوطن من كيد الكائدين ، ويؤلف بين القلوب لتكون درعا لتصون هذه الارض الطاهرة المسقية بدماء الشهداء، ويقوي ايماننا وينير عقولنا لنعي مصالحنا ونحافظ عليها ، حتى لا نسمح بمناقشة قضايانا في غيابنا ووراء ظهورنا .
حاورته علجية عيش
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى