الرافضة.. من أجل تنوير و تحرير العقل العربي
السبت 1 أغسطس 2020 - 0:07
قد يتعرض هذا العنوان إلى التأويل و التمييع و يرحل بمخيلة القارئ إلى الحرب الطائفية القائمة بين الشعوب العربية و بالخصوص في سوريا و العراق و في لبنان و إيران و مصر و حتى في الجزائر
و مصطلح الرافضة يعني الرفض و عدم القَبُول بالشيء ، أو بالفكرة أو بالموقف، أو حتى بفتوى من الفتاوى التي ذهب أصحابها إلى حد تكفير المسلم و تحريم ما لم يحرمه الشرع، و قد يذهب البعض بالقول ان هذا المفهوم يضرب بجذوره البعيدة إلى الصراع المذهبي و ألحقه من تمويه من قبل المتشددين.. و التكفيريين.. و السلفيين و الوهابيين ، و كل المسميات التي تنتهي بـ: الإين ine ، الرافضة هي صورة لامرأة متمردة أعلنت رفضها لكل ما هو مشوّه في مجتمع يرى المادة هي القانون الذي يحكم البشر، امرأة أعلنت حربها على القيم المُزيّفة، و التديّن المغشوش، امرأة نظرت في المرآة بحثا عن بقايا جروح تركها أشباه هؤلاء البشريين ( إين ine) الذين لا يملكون أبسط الأسس و المعايير الإنسانية لاستقطاب الآخر و ضمه في صفهم ، لسان حالهم “من معي فهو قديس، و من ضدي فهو إبليس”..و الرافضة هي انتفاضة الإنسان المُهَمَّشِ، المُفَقَّرِ، المُغيَّبِ لا الغائب، المُكَبَّل بالقيود لا الحُرِّ الطّليقِ، هي انتفاضة الإنسان المهزوم لا المنتصر، و غيرها من النعوت.. و الرافضون هم معارضون، متمردون على القانون، و على الواقع و على المجتمع، و لكلّ واحد مِنَّا له تفسيره الخاص لمفهوم الرفض حسب رؤيته الخاصة لهذا المصطلح الذي أثار اهتمام اللغويين و أهل العلم و أصحاب المذاهب و حتى الفلاسفة و منهم غاستونباشلار و ابن عربي و ابن رشد ، و أصحاب الفكر العقلاني الذين حرصوا طيلة حياتهم على أن يمتلكوا ذهنا و فكرًا حرًّا لا تقيده القوانين و لا العادات..، و الرافضة هي تعبير عن عدم قبول كل أشكال العنف الفكري، الديني، المذهبي، و الرافضة تطبق شعار: “أنا حر دعني أمرّ” ، أنا حر في أن أرحل إلى حيث يقودني فكري، أن أتبنى ما يراه عقلي صائبا.
“الرافضة” هي امرأة أعلنت تمردها و قالت: إني أكفر بتعصبكم أيها المتعصبون، لي نوري الذي أستبصر به هو دليلي و قدوتي، و لا يعيقني أيّ عائق من رغبة أو مطمع أو هوى، هو نوري الذي يجعلني سيدة حقيقية في قراراتي و اختياراتي.. و الرافضة هي إعلان “ثورة” على الظلم، و ثورة على الشر و الباطل لنصرة الإنسانية، و الروافض في العالم كثر ، فهم كتاب و فلاسفة وعلماء و هم شعراء، و قصاصين روائيين و دعاة و محدثين، قضيتهم واحدة و حلمهم واحد، و غايتهم واحدة وهي استعادة ماض و مجد أمتهم العريق، و الرافضون عبر التاريخ متواجدون في كل ثورة مقاومة، و ما المعارك الدائرة في دار الإسلام دليل على وجود خلل في النظم السياسية الاقتصادية و الاجتماعية و خلل في النظم الفكرية.
و موضوع الرفض عند علماء النفس يحوم حوله غموض علمي باعتباره يتزامن و الظروف الاجتماعية و السياسية التي تمر بها البلدان العربية، و يعرفه علماء النفس على انه صراع بين الموجود و المنشود، و هو متعدد المشارب، كما يعرفه البعض بأنه حركة بعد سكون، يكون صاحبها في حالة هيجان، فيعلن ثورته و تمرده ، و لكلّ منّا يقابل في حياته مواقف تستوجب عليه أن يعلن رفضه بعض الأمور، وهو تعبير عن غضب داخلي أو عدم استحقاق، حدث معي موقف جعلني أقف جامدة، و أنا أتفقد الصالون الوطني للكتاب نظم مؤخرا بجامعة منتوري قسنطينة، كنت كعادتي التقط صُوَرًا، إلى أن اقتربت من جناح للكتب كان يشرف عليه جماعة من الملتحين يرتدون قميصا، لا أعرف ما هو الاسم الذي يناسبهم ( سلفيين، إخوان، وهابيين.. لست أدري..) قد نطلق عليهم اسم “خوانجية”، اقترب مني أحدهم و قال لي احذفي الصورة، و قدمت له نفسي، و لكنه ركب دماغه و أصر على أن أحذف الصورة، و جاء الثاني و بابتسامة قال لي: الصورة خرجت شابّة؟ قلت له نعم..، ثم جاء الثالث، كان هذا الأخير متحامل عليّ و وقف في صف زميله، و قال لي ممنوع أخذ صور”، و حاول أن يدخلني في نقاش حول مسائل تتعلق بالحلال و الحرام، و كأنه أراد أن يقول بتحريم التصوير..، والحقيقة ان الثلاث متناقضون، و لم يقفوا على مبدأ واحد، ما يمكن قوله هو أن الرفض ليس مشكلة خارجة عن الإنسان، و إنما هو مشكلة داخلية، و ألم الرفض رهيب، و الإنسان هو الذي يصنعه، لأنه يجر الآخر إلى القيام بتصرفات و أعمال سلبية.
علجية عيش
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى